رحلة الإسراء والمعراج: دروس وعبر فقهية من المعجزة الخالدة

رحلة الإسراء والمعراج: دروس وعبر فقهية من المعجزة الخالدة

رحلة الإسراء والمعراج: دروس وعبر فقهية من المعجزة الخالدة

تُعدّ رحلة الإسراء والمعراج من أعظم المعجزات التي خصّ الله تعالى بها نبيّه محمداً صلى الله عليه وسلم، وهي معجزة عظيمة جاءت تثبيتًا لفؤاده، وتكريماً لمكانته، ورفعاً لدرجته بين الأنبياء والمرسلين. وقد ذكرها القرآن الكريم صراحة في سورة الإسراء، وجاءت تفاصيلها في أحاديث صحيحة كثيرة. وفي هذه المقالة، نتناول هذه الرحلة المباركة من منظور فقهي، نستنبط منه الأحكام والدروس المستفادة.

أولًا: تعريف الإسراء والمعراج

  • الإسراء: هو انتقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليلاً من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى في بيت المقدس.
  • المعراج: هو صعوده صلى الله عليه وسلم من المسجد الأقصى إلى السماوات العُلا حتى سدرة المنتهى.

وقد وقع ذلك في جزء من الليل، وهو أمر خارق للعادة، دلّت عليه النصوص، وثبت بالقرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.

ثانيًا: حكم الإيمان برحلة الإسراء والمعراج

الإيمان بالإسراء والمعراج واجب على كل مسلم، لأنه ثابت بنصوص صريحة. قال الله تعالى:

سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ... [الإسراء: 1]

أنكر المشركون هذه الحادثة لأنها فوق قدرة البشر، لكن المؤمن يصدق كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

ثالثًا: الفوائد الفقهية من رحلة الإسراء والمعراج

  1. تشريع الصلاة: في هذه الليلة فُرضت الصلاة، خمس صلوات في اليوم والليلة، وهي أعظم ما فُرض من العبادات، ويدل ذلك على مكانتها في الإسلام.
  2. التمسك بالغيب: الإيمان بالمعجزات هو جزء من الإيمان بالغيب، وهو ما يُميز المؤمن الصادق، قال تعالى: "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ...".
  3. مكانة المسجد الأقصى: هذه الرحلة تؤكد على قدسية المسجد الأقصى، وهو ثالث الحرمين، وله مكانة عظيمة في الإسلام، يجب الحفاظ عليه والدفاع عنه.
  4. فضل النبي محمد صلى الله عليه وسلم: صعوده إلى السماوات ومقامه عند سدرة المنتهى تكريم له، ورفعٌ لدرجته، وإشارة إلى مكانته عند ربه.

رابعًا: الرد على الشبهات حول الرحلة

هل كانت الرحلة بالروح أم بالجسد؟
الراجح عند جمهور العلماء أنها كانت بالجسد والروح معاً، لأن الله قال: "بعبده"، والعبد يشمل الجسد والروح معاً.

هل يمكن للعقل قبول هذه الرحلة؟
نعم، العقل المؤمن بقدرة الله لا ينكر المعجزات، فالله على كل شيء قدير.

خامسًا: الدروس المستفادة

  • الثبات في وقت المحن، كما ثبت النبي صلى الله عليه وسلم بعد فقده خديجة وعمه.
  • أن الفرج يأتي بعد الضيق، كما جاءت المعجزة بعد عام الحزن.
  • أهمية التوحيد، حيث رأى النبي أحوال أقوام في النار والنعيم، دليلاً على عدل الله.
  • مكانة النبي بين الأنبياء، حيث أمّهم في المسجد الأقصى.

خاتمة

رحلة الإسراء والمعراج ليست مجرد قصة تُروى، بل هي معجزة مليئة بالعبر والدروس، فُرضت فيها الصلاة، ورسّخ فيها الإيمان بالغيب، وأُثبتت فيها مكانة النبي صلى الله عليه وسلم. ومن واجب كل مسلم أن يتأمل هذه الرحلة، ويغذي بها روحه ويقينه، فهي مدرسة إيمانية لا تنضب.

أحدث أقدم

نموذج الاتصال